فصل الثالث مادة سوسيولوجية الثقافة
متاهات كلمة: الثقافة
فصل الثالث مادة سوسيولوجية الثقافة
مفهوم الثقافة من اكثر المفاهيم تداولا ولكنه ايضا من اكثرها غموضا وتلونا .فالتعاريف التي اقترحت في المئة سنة الاخيرة على الاقل بلغت حدا من التنوع يصعب معه الاتفاق على تعريف .واذا كان كرويبر kroederوكلوكهون kluckhohn عالما الانثروبولوجيا الامريكيان قد صنفا قبل ربع قرن ما لا يقل عن160 تعريفا للثقافة ،فان التفرعات التي تبلورت بعد ذلك تزيد ولا شك في عدد التعاريف المقترحة .امام هذا لايستغرب اذا ،ان يكون من بين الاعمال الاكاديمية بحوث تنحصر في تتبع المغامرة التاريخية لكلمة ثقافة ،مبينة كيف اصبحت هذه الكلمة ضحية النجاح الذي حظيت به!لايستغرب ايضا ان يكتب ادغار موران E.MORIN بعد مرور قرن على اول تعريف انثروبولوجي معروف للثقافة «الثقافة بداهة خاطئة ،كلمة تبدو وكأنها كلمة ثابتة ،حازمة ،والحال انها كلمة فخ ,خاوية ،منومة ملغمة ،خائنة ....الواقع ان مفهوم الثقافة ليس اقل غموضا وتشككا وتعددا في علوم الانسان منه في التعبير اليومي »
اكتسبت كلمة الثقافة CULTURE معناها الفكري في اوربا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر .فالكلمة الفرنسية كانت تعني في القرون الوسطى الطقوس الدينية ولم تعبر عن فلاحة الارض الا في القرن 17اما في القرن 18فقد عبرت عن التكوين الفكري عموما وعن التقدم الفكري للشخص خاصة وعما يتطلبه ذلك من عمل وما ينتج عنه من تطبيقات .هذا هو المعنى الموجود في المعاجم الكلاسيكية .لكن انتقال الكلمة الى الالمانية في النصف الثاني من القرن 18 اكسبها لاول مرة _وقبل رجوعها الى فرنسا_مضمونا جمياعيا ،فقد اصبحت تدل خاصة على التقدم الفكري الذي يتحصل عليه الشخص اوالمجموعات الانسانية بصفة عامة ،اكتسبت كلمة الثقافة هذا المضمون في المانيا موازاة لتصور عام لتاريخ البشرية ،اكتسبت فيه درجات التقدم الفكري معيارا اساسيا للتمييز بين مراحل تطوره اما الحانب المادي حياة الاشخاص والمجتمعات فقد افردت له الالمانية كلمة حضارة .
مقابلة اولى الثقافة والحضارة
اذا كانت كلمة حضارة الفرنسية CIVILISATION قد ظهرت تقريبا في نفس الفترة التي ظهرت فيها كلمة ثقافة بالمعنى الفكري ،واذ هي استعملت لاول مرة في كتاب صدر 1766رغم وجود الاشتقاقين :حضر civiliser ومتحضر civilisé ابتداء من القرن 16 ،واذا كان هذا الاستعمال الفرنسي يشمل مختلف ابعاد التقدم ،فكرية كانت او مادية ،فان التصور الالماني اجمالاطغت عليه نزعة واضحة الى التمييز تقييميا بين الثقافة بمعناها الروحي والفكري والعلمي ،وبين الخضارة بمعناها المادي .هذا التمييز «بقي صفة ملحة في الفكر الالماني وهو يوافق ما الفته عبقرية هذا الفكر من فصل بين الروح والطبيعة ».
على ان هذاالتمييز لا يعبر عنه بنفس الحدة في التاليف الالمانية .ففي حين يعتبر توماس مان مثلا ان «الثقافة تعني الروحية الحقيقية وتعني الحضارة المكننة » يرى المؤرخ مومسن انه «من واجب الانسان اليوم ان لا يترك الحضارة تحطم الثقافة والتقنية تحطم الكائن الانساني »،ويفرق مبتدع صيغة سوسيولوجيا الثقافة الفريد فيبر بين الحضارة على انها جملة المعارف النظرية والتطبيقية غير الشخصية وبالتالي يعترف انسانيا بصلاحيتها ويمكن نقلها ،وبين الثقافة على انها جملة العناصر الروحية والمشاعر والمثل المشتركة التي ترتبط في خصوصيتها بمجموعة وزمن معينين.
(مقتطف من الكتاب في الصورة )
اجعل مدونتك افضل مدونة مع التصاميم المجانية و الاضافات الجديدة و الدعم الفني المجاني فقط على منتديات
اتقان بلوجر
0 التعليقات :
إرسال تعليق