جورج هربرت ميد (التفاعلية الرمزية)
مقدمه عن التفاعلية الرمزية:
ظهرت النظرية التفاعليه الرمزية في بداية الثلاثينات من القرن العشرين على يد العالم جورج هربرت ميد تعتبرُ التفاعلية الرمزية واحدةٌ من المحاور الأساسيةِ التي تعتمدُ عليها النظرية الاجتماعية، في تحليل الأنساق الاجتماعية. وهي تبدأ بمستوى تحليل الوحدات الصغرى منها للواحدات الكبرى بمعنى تبدأُ بالأفراد وسلوكهم كمدخل لفهم النسق الاجتماعي فأفعالُ الأفراد تصبح ثابتةً لتشكل بنية من الأدوار؛ ويمكن النظر إلى هذه الأدوار من حيث توقعات البشر بعضهم تجاه بعض من حيث المعاني والرموز. وهنا يصبح التركيز إما على بُنى الأدوار والأنساق الاجتماعية، أو على سلوك الدور والفعل الاجتماعي ومع أنها تَرى البُنى الاجتماعية ضمناً، باعتبارها بنىً للأدوار بنفس طريقة بارسونز Parsons ، إلا أنها لا تُشغل نفسها بالتحليل على مستوى الأنساق.بقدر اهتمامها بالتفاعل الرمزي المتشكِّل عبر اللغة، والمعاني، والصورِ الذهنيةِ، استناداً إلى حقيقةٍ مهمةٍ، هي أن على الفرد أن يستوعب أدوارَ الآخرين. ترى النظرية التفاعلية الرمزية أن الحياة الاجتماعية التي نعيشها حصيلة تفاعلات بين البشر بعضهم بعض أو بينهم وبين المؤسسات الاجتماعية في المجتمع.حيث أنها تنظر لادوار البشر بعضهم تجاه بعض من خلال المعاني والرموز التي قد تكون ايجابيه اوسلبيه.وطبيعة هذا الرمز والذي يحدد علاقتنا به اوبهم حيث قدتكون ايجابيه اوسلبيه اعتمادا على هذا الرمز او الصورة الذهنية التي كونها عن هذا الرمز او عن من نتفاعل معهم
*من ابرز روادها:
1/جورج هربرت ميد.
هو من أشهر علماء الاجتماع الأمريكان ومن اشهرالرواد المؤسسين في الاتجاه التفاعلي الرمزي ولد عام 1863وتوفي في 1931ولد في (مشاشوستس) ابن رجل بيوريتاني وتعلم في كليه ابرلن ثم جامعه هارفارد ثم جامعه ليبزج ثم جامعه برلين ثاثر بأفكار ديوي وسمل ووليم جيمس وقدم بحوث عن أفكارهم.عمل مع ديوي في جامعه شيكاغو. وقد جمع له تلاميذه كتبا بعد وفاته.يحتوي على معظم أفكار التي كانوا يدونونها في محاضراته تحت عنوان mind self and society- -
ركز على فهم التفاعل المتبادل والذات ألاجتماعيه في داخل المجتمع . في داخل محتوى مجتمع يعايش اعلى مستويات التصنيع والتحضر ونزعات الإصلاح والنزعة العلمية والمثالية ومن ثم كان وعي الانسانيه بذاتها يتزايد تبعا" لذلك .
*من أهم أعماله:
(العقل والذات والمجتمع) (وفلسفه الفعل).أضافه إلى أبحاثه في علم النفس الاجتماعي والفلسفه. وقد ساهم هربرت في وضع المبادئ والأفكار الاساسيه للنظرية التفاعلية الرمزية من خلال دراسته لذات في المجتمع. كما يقيهما الفرد ودراسته للذات كما يقيمها الآخرون.بمعنى أخر اناكما أقيم ذاتي واناكما يقيمني الآخرون. ويعتقد جورج ان الذات في المجتمع هي حصيلة تفاعل عاملين : العامل النفسي الذي يعبر عن خصوصية الفرد وشخصيته والعامل الاجتماعي الذي يجسد مؤثرات البناء الاجتماعي المحيطة بالفرد. وحلل عمليه الاتصال وقسمه الاقسمين اتصال رمزي وغير رمزي عن طريق الأفكار والمفاهيم وبذلك تكون اللغة هي وسيله الاتصال بين الإفراد رمزا لأنها تؤثر في الإفراد كما تؤثر في الآخرين.
*اهدافه
1/كان هدفه الأول دراسة نشاط وسلوك الأفراد كمايوجد في العملية الاجتماعية في محاولته فهم هذه الظاهرة كوظيفة لمحتواها الاجتماعي والسيسولوجي .
2/ركز على الوحدات الصغرى للسلوك الاجتماعي .
3/وركز على الاهميه السسيولوجيه للتفاعل الاجتماعي والعقل والله والوعي بالذات وهكذا يعتبر جورج ميد من أوائل أصحاب اتجاه علم النفس الاجتماعي.
*ابرز المفاهيم عند جورج هربرت ميد:
1. العقل
2. الذات (النفس ): وحدة اجتماعية مميزة عن الكائن الفيزيقي، رغم طبعاً، أنه لا يمكن أن تظهر إلا على أساس هذا الكائن. تظهر النفس في سياق خاص للخبرة والتفاعل الاجتماعي، وتظل تتطور في علاقتها بالعملية الاجتماعية والأفراد الموجودين فيها.
3. مكونات النفس: قسمها إلى جزأين:
*الأنا الـ (I): وهو جزء عفوي مندفع.
*الذات الاجتماعية (Me): وهو جزء اجتماعي ضميري ناشئ عن القيم والمعايير والتوقعات الاجتماعية.
4. الـذات البيولوجيـة: الذات عند ميد هي وحدة بيولوجية وهي الميل المندفع للتصرف أو رد الفعل لمؤثر معين " تحت ظروف عضوية معينة، كالجوع أو الغضب وغيرها من لاندفاعات.
5. المجتمع: مفهوم المجتمع الإنساني عند ميد يصر على تقدم وأولوية الخبرات والسلوك الاجتماعي الآني والموجود.
6. فلسـفة الحاضر
7. الانبثاق
8. النسبية
9. فلسـفة الفعـل
*نظريته
1-اعتبر ميد ان الفرد رشيد وانه نتاج العلاقات الاجتماعيةproduct of social relation ونرى هنا وجه الشبه مع ماذهب إليه فيبر.
2-اعتبر ميد أن الحقيقة هي كل مالدى الفرد individualوالاجتماعيsocialمثل هذه الدراسة ذات المستويات المتعددة ذات أهميه كبيره لأنها عكس ماكان قبلها من النظريات التي كانت تتعامل مع الواحدات الكبرى.
3-اعتبر ميد ان المجتمع دينامكي وتطوري مستمر في تقديم أنماط جديدة للافراد.ويلاحظ ان النظرة الدينامكية والمعيارية للمجتمع تتوازى مع تركيرفيبرللمعنى والترشيد.
4-اعتبرميد ان الذات الاجتماعية social self تتطور خلال سلسله معينه,يتم التفاعل الاجتماعي خلال الاتصالات الرمزية واللغة فمن خلال اللغة يتعلم الإنسان الاتجاهات والعواطف ومن ثم يصنع العقل mindوالذات والذات الاجتماعية تتطور من خلال ثلاث مراحل ( مرحله المحاكاة في الأفعال,ومرحله اللعبthe play stage, ومرحله الالمام بقواعد اللعبة the game stage,والمرحله الأولى تحدث خلال ألسنه الثانية من العمر حيث يقلد فيها الطفل سلوك الاخرين المحيطين به مثل الاباء والاخوه والاخوات ,اماالمرحله الثانية فنها تبدأ عندما يصل الطفل الى السنه الثالثه وتتسم بميل الطفل الى اتخاذ ادوار الآخرين حين يلعب دور الام ودور المدرس او الرجل والشرطي وفي هذه المرحله يبدأ الطفل في الخروج عن نطاق نفسه أي أنه يبدأ في الاهتمام باتجاهات الاخرين نحوه بوصفه موضوعاobject , واتخاذ دور الآخرين هوا لعمليه في تكوين الذات,وفي مرحله اللعب يكتسب الفرد مجموعه من الذوات selves,يتم التكامل بينهما في المرحلة الثالثة , وهي المرحلة التي تظهر فيها الذات الموحدةunified self , وفي هذه المرحلة يصبح الطفل على تبني اتجاهات كل أعضاء المجموعة التي ينتمي أليها وعلى تصوره دور كل فرد في المجموعة والقيام به,وقد سمى ميد المجموعة الاجتماعية التي يكون الفرد من خلالها ذاته بالأخر المعمم generalized other .ومن خلال هذا الأخر المعمم يمارس المجتمع الضبط على سلوك الإفراد والأعضاء
فيه.
5- إن التنشئة الاجتماعية عند ميد عبارة عن بناء للذات من خلال احتلال أدوار مختلفة باستمرار،فهي تدل على ان الفرد يمكن أن يكون الموضوع والمضمون في آن واحد"Subject et Objet" فالأنا تتضمن مواقف المجموعة "الآخر العام" إضافة إلى السمات والعادات الخاصة بالمعني أي البعد الاجتماعي لشخصية الفرد للفرد،لكن "الذات" تمثل عكس ذلك الجانب الفرد للشخصية وتشعره بنوع من الحرية والتذمر ومن ثم مخالفة ومن هنا يقع بين مد وجزر،ومن خلال هذا البناء للهوية تظهر سلوكيات مختلفة عن بعضها،كلما زاد التفاعل بين الأنا والذات زاد التفاعل بين الفرد والمجموعة.
6-اعتبرميد ان الفرد يملك ذاتا اجتماعيه فقط في حالة علاقاتها بذوات الأعضاء الآخرين لجماعته الاجتماعية , وان بناء ذاته يعبر ويعكس نمط السلوك العام لجماعته التي ينتمي اليها ,تماما مثل مايعبر بناء ذات كل فرد آخر ينتمي لهذه الجماعة الاجتماعية.
7- ينظر (ميد) للذات على إنها المحور الأساسي في عمليات التفاعل فهو ينظر للذات على إنها الأساس الذي يتحول بموجبه الفرد إلى فاعل اجتماعي له ارتباط بالآخرين ،إذ من خلال الذات يكون الإنسان صورة نفسه وصورة الآخرين بوصفها موضوعات أساسية للتفاعل.
8- ومن خلال هذا الفهم الذي يطرحه (ميد) لفكرتي الذات الداخلية والخارجية فانه يقترب إلى حد ما من الرؤية الفرويدية للشخصية البشرية ،فالذات الداخلية هي حصيلة تفاعل بيولوجي واجتماعي وهذه الفكرة مقاربة لفكرة( الهوا) و(الأنا )عند (فرويد(فالهوا) هو مجموعة دوافع غريزية لا اجتماعية ، في حين يكون( الأنا ) امتداد للهو يخضع لمبدأ الواقع بدلا من الاعتماد على اللذة بشكل مباشر في حين يقترب مفهوم الذات الخارجية من مفهوم الأنا الأعلى لاسيما وان الأخير يعمل على ترسيخ فكرة الضبط الاجتماعي عن طريق نقل القواعد والقيم التي يؤمن بها المجتمع إلى داخل الإنسان بواسطة عمليات التفاعل والتنشئة الاجتماعية ، وبموجب ذلك يدرك الإنسان انه يمثل موضوعا بالنسبة للآخرين كما يشكلون هم بالنسبة أليه موضوعات يتفاعل معها كما تستوعب الذات صورتها على إنها عنصر مستقل له خصوصيته ، وهذا يعني إن الذات تفهم على إنها عملية انعكاسية بين ذات الفرد والعالم الخارجي وهذا يشير إلى أن الذات تقع في عملية تفاعل مع المجتمع كموضوع متناقض معها وليس مجرد نتاج له وهذا يعني بالضرورة إن الإنسان من الممكن إن يخلق وعيا خاصا به يخلق بموجبه نمطه السلوكي بدلا من الاستجابة الحتمية للواقع ومثل هذه الطروحات الخاصة (بميد) لا تتفق وطبيعة الطروحات التي جاء بها (ماركس) الذي يرى إن تشكل العقل الإنساني ناشئ عن طبيعة الحياة المادية التي يحياها الإنسان فالبشر لا يحددون وعيهم وإنما وعيهم يتشكل بفعل الحياة التي يحيونها وهذا يعني إن الذات عند (ماركس) ما هي إلا حصيلة لتأثير الحياة المادية المؤثرة في مجمل عناصر الوجود الاجتماعي الذي يعمل بدوره على ترتيب وعي الذات أو الإنسان ، ولكن مع هذا فالإنسان بالنسبة لماركس هو عنصر خلق وإبداع وليس عملية استجابة مجردة للوجود كما إن (ماركس) يؤمن بان الذات تقع في حالة جدل مع الموضوع (الطبيعة ) فالطبيعة تمثل عنصرا خارجيا ومستقلا وغريبا عن الذات ولهذا يؤكد ماركس بأن العمل والإنتاج المنظم يعد عاملا أساسيا في دمج الذات مع الموضوع (
على وفق طروحات (ميد)فان الإنسان من الممكن أن ينظم الواقع أو يعيد ترتيب الواقع وهي فكرة متآزرة إلى حد ما مع فكرة الخلق والإبداع الماركسي الخاص بالذات الإنسانية ، وعطفا على ذلك يذهب ميد إلى إن الإنسان لابد من أن يحدد رغباته وأهدافه وذاته بالتقابل مع الواقع والفرق بين الذوات الفاعلة يكمن في قدرتها على تنظيم الواقع وتشكيل خط خاص بها ،
* الـذات البيولوجية عند ميد:
تحتوي " الذات " عند ميد على معضلة، فتمثل من ناحية الحرية والتلقائية والجديد والمبادرة، وهي بسبب أساسها البيولوجي، من ناحية أخرى، عمياء لا واعية، وهذه عملية ندركها فقط عندما تصبح أمراً واقعاً. " فالذات " البيولوجية معينة بابتهاجنا والشعور بالإثارة في الحاضر.
ترسم " الذات المتأثرة " الحدود المناسبة التي يمكن أن تتصرف " الذات " ضمنها لكن ميد يستمر قائلاً " لكن إذا زاد الضغط عن الحد الممكن، فإن الفرد سيخترق هذه الحدود، وسيعبر عن نفسه بطريقة عنيفة غالباً، وعندها تسيطر " الذات " على وضد " الذات المتأثرة ".
واضح جداً أن ميد يؤكد ( اختلاف ما تتضمنه " الذات " عما تتضمنه " الذات المتأثرة " )، فهذه الأخيرة تمثل قيم الجماعة، والتي تؤدى تحت " ظروف دينية أو أخلاقية متطرفة إلى التضحية بالنفس من أجل الجماعة" وتقوم "الذات" في الطرف الآخر بمعارضة الذات المتأثرة" وما تتضمنه وما تقوم عليه من علاقات اجتماعية، ويؤكد ميد هذه العلاقة الجدلية لهذين البعدين إلى النهاية.
* المجتمــع:
يعتبر ميد أن المجتمع ديناميكي وتطوري ومستمر في تقديم أنماط جديدة ومتغيره من النشأة الاجتماعية للأفراد ويلاحظ أن تلك النظرة الديناميكية والمعيارية للمجتمع تتوازى مع تركيز فيبر على المعنى والترشيد.
يرفض ميد التوصل إلى مفهوم المجتمع الإنساني من خلال افتراض وجود العقول والنفوس المسبق. وعلى عكس ذلك، فإنه يصر على تقدم وأولوية الخبرات والسلوك الاجتماعي الآني والموجود. فعملية التفاعل الاجتماعي بين الكائنات الإنسانية، أو بمعنى أدق أشباه الكائنات الإنسانية، " يجب أن يسبق وجودها وجود العقل والنفوس في الكائنات الإنسانية، وذلك حتى يصبح من الممكن للكائنات الإنسانية، أن تطور العقول والنفوس من خلال وبهذه العملية". وهنا لا يجب الخلط بين قدرات العقل والذكاء والوعي الذاتي بمسألة تطورها الفعلي. فالأولى ترتبط بالتطور الاجتماعي. العملية الأولى تقدمت وجعلت الأخيرة ممكنة، ولكن عندما تنبثق العقول والنفوس، تتداخل العمليتان وتعتمد كل على الأخرى.
هناك، في رأي ميد، وجه اجتماعي في سلوك أي كائن من الكائنات الراقية: فالدوافع البيولوجية الأساسية مثل الجوع والجنس " تشمل وتتطلب ظرفاً وعلاقات اجتماعية لإشباعها من قبل أي فرد .." وتلعب هذه الدوافع الأساسية دوراً هاماً بين الكائنات الإنسانية.
إذ يقرر ميد أن " الدافع الجنسي أو دافع الإنجاب" هو من بين أهم الدوافع، " التي تؤثر في سلوك الإنسان الاجتماعي، والتي تضح أهميته في جميع التنظيمات الإنسانية ( سواء البدائية منها أو الحضارية).
* فلسـفة الحاضر:
في مقالاته التي جمعت تحت عنوان " فلسفة الحاضر" يمكن أن نرى مفهوم ميد الجدلي أكثر وضوحاً، وشمل هذا المفهوم مفهومين آخرين ( الانبثاق ) و ( النسبية ). أحد مصادر مذهب الانبثاق، جاء من الفلسفة الألمانية الكلاسيكية، وخاصة فلسفة هيجل، التي كان ميد على معرفة جيدة بها. كان ميد يؤمن بأن هذا المذهب يحمل مفتاح النظرة الطبيعية " للحياة " و "الوعي"، والتي يمكن بواسطتها أن يتجنب الفرد البدائل المتطرفة من المادية الميكانيكة أو الفلسفة المثالية.
• فلسـفة الفعـل :
نجد في المقالات التي تتضمنها " فلسفة الفعل " إغناء لنظرية ميد عن الاجتماعية. الادتماعية حسب رأيه تتحدد بدرجات متباينة العلاقة بين جميع الكائنات وبيئتها، وذهب ميد إلى إبراز الجانب النشط في جميع الكائنات والتأثير المتبادل بين الكائن وبيئته.
ومن المهم ملاحظة أن ميد لم يأخذ ولم تكن دراسته حتمية بالنسبة للذات الاجتماعية. بل كانت بالاحرى.
اعتبر ميد أنه بالرغم من التنشئة الاجتماعية أي التطبيع الاجتماعي. فأن عمليات الذات تتضمن وجوها إبداعية وتلقائية تساهم في التغير الاجتماعي . واختراع أنماط جديدة من التنشئة الاجتماعية وهكذا جعل من الفردية الإنسانية لديها القدرة على المساهمة في استمرار الديناميكية الاجتماعية والتغير.
وهكذا يمكن القول أن ميد اعتبر أن المجتمع يمثل نسق ديناميكي من التنشئة الاجتماعية والذي في داخلة تتشكل الذات الاجتماعية خلال التفاعل واللغة أهم أدواته. وتتقدم التنشئة الاجتماعية خلال ثلاث مراحل متميزة ومن ثم يعتبر نموذجه نسقى ويركز على الوحدات الصغرى. وقد حددته نظرة تطورية . وتبعا لذلك فالحقيقة الاجتماعية هي دائماً في حالة صنع وذلك استجابة لنشاط الأفراد المبدع التلقائي في تطوير أشكال جديدة من التنشئة الاجتماعية والذوات الاجتماعية
من الانتقادات التي أخذت على التفاعلية الرمزية وروادها:
1-أكدت التفاعلية الرمزية على أن المجتمع تفاعل رمزي دون أن تشير إلى أنماط الظروف مهما كان نوع التفاعل الذي يؤدي إلى ظهور وانبثاق أي نمط من أنماط بناء اجتماعي واستمراره وتغييره في سياق أي ظرف من الظروف .
2- الغموض الذي اتسمت به أطروحات التفاعلية الرمزية وكيفية تشكيل التنظيم الاجتماعي وتغييره فهناك غموض بين عملية التفاعل ونتائجها .
3- عدم صياغة براهين وحجج كافية وذلك حول، حتى كيف وإلى أين وما عمليات التفاعل تعمل على تكوين واستمرار وتغيير أنماط التنظيم الاجتماعي المتنوعة والمتباينة.
4- تقليل التفاعلية الرمزية من شأن الأبنية الاجتماعية بحيث تجعلها موضوعات ناتجة من اتجاهات الفاعلين أو الأشياء تتشكل كنتيجة للتفاعل.
5- عدم ربط التفاعلية الرمزية بين الأبنية الاجتماعية و العماليات الاجتماعية واقتصارها على تأكيد وجود كل منها
6-رغم اهتمام علماء التفاعلية الرمزية بالجوانب النفسية للذات إلا انهم أكدوا انتمائهم السوسيولوجي من خلال الحرص على فهم الذات الفاعلة من خلال التفاعل بوصفها أي الذات، مركب اجتماعي صرف، مع بعض الإيحاءات النفسية والبيولوجية عند ميد، ويبدوا إن التركيز على الجوانب الاجتماعية جعل من صورة الفاعل عند علماء التفاعلية الرمزية مجتزأة، إذ ركز التفاعليون الرمزيون على رؤية الذات من خلال الوجه الاجتماعي في حين تشير الدراسات الحديثة إلى تكاملية رؤية الشخصية في ضوء ما هو موروث وما هو مكتسب .
7- إن الأفراد يسلكون سلوكيات معينة دون تخيل صورة الآخر أو انه قد يتخيل أو يتوقع ردة الفعل الخاصة بالآخرين ولكنه يسلك سلوكا مغايرا للتوقع الذي يفترضه الآخر ،مثل هذا التصور و التأويل لم تنتبه إليه التفاعلية الرمزية في حين انتبه إليه (بارسنز) في نظريته عن الفعل الاجتماعي وخاصة في النظرية الإرادية للفعل ، التي تقوم على تعريف الفاعل للموقف التفاعلي متأثرا بالعالم (ماكس فيبر) إذ ادخل بارسنز) مفهوم النفعية والعقلانية في وصف وتحديد سلوك الفرد أثناء التفاعل وهذا يعني إن النفعية قد تقتضي سلوكا غير متوقع من قبل الآخر ،لان الآخر قد درج بحكم العادة على نمط سلوكي معين ، في حين إن مصلحة الفرد قد تربك تصورات الآخرين عن تصرفه بإبدال السلوك المتوقع بسلوك آخر يحقق نفعية اكبر للمتصرف.
8- من الجوانب الأخرى التي لم ينتبه أليها التفاعليون الرمزيون ،باستثناء زمل ، هي مكانة الفرد الاجتماعية وأدواره المترتبة على تلك المكانة وأثرها في تشكيل ذاته فالإنسان يتأثر إلى حد كبير بطبيعة الدور الذي يؤديه ، وعندما ينتقل الفرد من مكانة إلى أخرى جديدة فان ذاته أيضا تتعرض إلى التغير النسبي باختلاف الأشخاص والمكانات كما تدخل اعتبارات جديدة في السلوك تجاه الآخر ومدى الاهتمام بتقييمه لسلوكنا ، هل هو اقل منا مكانة أم أعلى ؟هل يوجد تشابه في الأدوار أم لا ؟ إن المكانات والأدوار تؤثران في أولويات الفرد ومقدماته النفعية والعقلانية مما يسمحان بإعادة تقويم الآخر وإعطاء تقييم جديد له يختلف عن التقييمات السابقة .
9-- رؤية التفاعلية الرمزية تجعل أحكامها اجتماعية وهذا يتناقض مع الحتمية إذا أن القدرات الرمزية للتفاعلين يتبع إدخال عناصر استثنائية غير متوقعة في الموقف التفاعلي مما يمكن له أن يغير مجرى التفاعل في أي لحظة.
10-- العامل الآخر الذي ركز عليه علماء التفاعلية الرمزية هو تصورات الآخرين عن ذواتنا ودورها في تشكيل وعينا بذاتنا وفهمنا الموضوعي لشخصيتنا وهذا أمر أوقع القارئ للتفاعلية الرمزية في إرباك الفهم النفسي الاجتماعي لما بعد تصورنا عن تصورات الآخرين حول ذواتنا ، أي ما يتبع تقييم الذات من قبل الآخرين ، بمعنى آخر إن التفاعليين الرمزيين لم يوضحوا الأثر النفسي الذي تتركه تقييمات الآخرين حول ذواتنا بل وحتى الأثر الاجتماعي للتصور الاجتماعي حول الذات كما لم يتم تحديد من هم الآخرون الذين يعول عليهم الفرد في التقييم وعكس صورة الذات سلبا كان ذلك أم إيجابا . وقد يكون (كولي) أكثر وضوحا في هذا الجانب عندما أكد انعكاس صورة الذات على مرآة المجتمع مع التركيز على الجماعة الأولية بوصفها الجماعة التي تسهم بشكل اكبر في تصميم الشخصية ، بمعنى إن الجماعات التي يعيش فيها الإنسان في مراحل مبكرة من حياته تكون أكثر تأثيرا في تشكيل صورة الذات فالفرد يهتم بتقييم الآخرين القريبين منه والذي يهمه رأيهم في تصرفاته وسلوكياته وأراءه ، كالعائلة والأصدقاء ولكن في المجتمعات الحديثة بالذات لم تعد الجماعات الأولية هي فقط صاحبة التأثير في سلوك الإنسان ، وتكوين شخصيته بل أخذت مؤسسات وجماعات أخرى تلعب دورا فاعلا في عكس صورة الذات مثل موئسات العمل والجامعات والمدارس ، وهذا يعني إن الأشخاص قد يغيرون أنماطهم السلوكية في ضوء تفاعلاتهم الجديدة ، ولكن السؤال المطروح فعلا ،هوهل يضع الفرد في حساباته دائما تقييم الآخرين لذاته.
--------------------------------------------------------------------------------
المراجع
-النظريات الاجتماعية د-محمد حجازي
-علم الاجتماع النظريات الكلاسكيه والنقدية د-احمد زايد
-مبادئ التنشئة الاجتماعية-عبد العزيز خواجة
- أيان كريب: النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابر ماس،: محمد حسين غلوم، عالم المعرفة،
-موقع اجتماعي –أضافه بعض المعلومات منه
-مجله العلوم الاجتماعية
هل يمكن التعريف بكاتب هذا المقال المهم وذلك بغرض الاستشهاد به في بحث آخر. ولكم منا فائق التقدير
ردحذف