الجمعة، 9 ديسمبر 2016

الاختلاف والتماثل الثقافيان : رؤى انثروبولوجية الدكتورعبد القادر بوطالب

الاختلاف والتماثل الثقافيان : رؤى انثروبولوجية
الدكتورعبد القادر بوطالب 


لم يكن ممكنا أن يظهر ويتطور البحث الانثروبولوجي لولا وجود ظاهرة التنوع الثقافي : تنوع الأديان واللغات والأجناس وغيرها، ذلك أن انه حينما يطرح التنوع والتعدد ، فان ذلك لا يكون ممكنا إلا باستحضار الذات في مواجهة الآخر المختلف، و بالتالي فكل محاولة يتوخى فهم الآخر والتعرف عليه تنطلق من اعتبار الآخر قد يكون مصدر خطر أو تهديد سواء كان فعليا أو محتملا ،أو على الأقل إن ثمة مسؤولية أخلاقية تقتضي ذلك، وبالتالي فان كل فهم من هذا القبيل ـ من الناحية العلمية ـ لن يكون بالبراءة المطلقة سواء في مبتغاه أو وسائله.
يمثل التنوع الثقافي–بهذا المعنى– مشكلة، إذ قد يكون سببا في النزاعات، والحروب، وعليه يصبح التماثل والتشابه مطلبا ومبتغى، لكن أليس في التماثل والتشابه تكريسا للجمود والرتابة؟ بينما في الاختلاف والتعدد غنى وثراء، بما يخلق من إمكانيات تسمح بالإبداع والابتكار، إذ– رغم ما يترتب عليه من مشاكل، إلا انه ليس ـ بالضرورة ـ ظاهرة سلبية ؟.
تشكل ظاهرة الاختلاف الثقافي واقعا أساسيا، لا يمكن أن نستثنى منه أي مجتمع إنساني، بل يمكن ان ننظر إليه بوصفه ظاهرة طبيعة( ) ، ويصاحب هذا الواقع نزعة التمركز حول الذات ethnocentrisme، فكل جماعة بشرية تنكمش حول ذاتها ،وتعتقد إنها الأصل في الحضارة،وإنها مصدر كل شيء يتميز بالايجابية ،بينما تلصق بباقي العالم وباقي الجماعات كل صفات التخلف والسلبية.
يحكم هذا التصور كل الجماعات البشرية بدون استثناء ، حيث يشكل ذلك موقفا وشعورا كونيا( ) تتقاسمه كل الشعوب ، وتشترك فيه مختلف الثقافات، ويؤثر في كل العلاقات التي يمكن أن تنتظم أو تنشأ بين مختلف الأجناس والشعوب مما يتولد عنه شعور من العداء والكراهية، والذي قد يشتد في فترات تاريخية بعينها و قد يخفت في فترات أخرى غير أن جذوته لا تنطفئ ، إذ تجد ما ـ على الدوام ـ يوقظها .
تظل النظرة إلى الآخر المختلف تتسم بالدونية والاحتقار، فالآخر كان بالنسبة للإنسان الغربي مجرد حيوان حينما ظهرت الانثروبولوجيا الفيزيائية، وأصبح بدائيا أو متخلفا حينما ازدهرت الاكتشافات والحركات الاستعمارية ( )، وفي أوقات أخرى ،أصبح كافرا وفي غيرها أصبح إرهابيا وهكذا ،ونفس الأمر ينسحب على الذات في نظرتها للآخر .
نستطيع القول ـ إذن ـ إننا بصدد وضع يتميز بنوع من الحتمية، وضع شبيه بالقدر الذي لا مفر منه، لكن مع ذلك يمكن نتساءل: كيف نستطيع أن نزيل مثل هذا التصور المقترن بظاهرة الاختلاف الثقافي ؟ و كيف يمكن أن نقارب ظاهرة الاختلاف والتشابه أو التماثل الثقافي ؟
تقدم الانثروبولوجيا – في هذا السياق – رؤى متقدمة يمكن الانطلاق منها لبناء تصورات تسمح بربط الجسور بين مختلف الثقافات ، فإذا كانت ظاهرتي الاختلاف والتنوع هي الظاهرة التي شدت إليها انتباه الباحثين في ميدان الأنثروبولوجيا ، وشكلت بذلك المنطلق الأول للبحث الانثروبولوجي ، فان ظاهرة التماثل والتشابه لم تكون غائبة كليا ، غير أن الفروق بدت واضحة للعيان أكثر، وبالتالي هي التي كانت موضوعا للبحث.
لا يمكن مقاربة ظاهرتي التشابه والاختلاف إلا بالانطلاق من اعتبارهما عنصرين متداخلين لا يمكن الفصل بينها، فالتشابه يمثل الأصل، بينما الاختلاف سمة تكتسب في سياق علاقة الإنسان بالطبيعة ومختلف الاشتراطات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وغيرها.
تتماثل الثقافات الإنسانية فيما بينها ، وهي قد تكون كذلك من حيث النشأة ، إذ نستطيع أن نعاين العديد من القواسم المشتركة فيما بينها ، بحيث يمكن إرجاع الاختلاف إلى تنوع وتعدد أوضاع الأفراد والجماعات. لذلك ومن هذه الزاوية نستطيع الجزم أن الاهتمام بظاهرة التماثل أو التشابه الثقافي – وان لم يحظى بنفس القدر من الاهتمام والبحث بالمقارنة بظاهرة الاختلاف –قدم رؤى متقدمة ، بالإمكان الارتكاز عليها لإعادة فهم ومقاربة الثقافات الإنسانية في اختلاف وتشابه ظواهرها.
أكدت الكثير من الأبحاث في حقل الانثروبولوجيا أن ظاهرة التشابه والتماثل الثقافي تمثل السمة الأساسية في الثقافات الإنسانية ،وقدمت بهذا الخصوص مقاربات جديرة بالتأمل والدراسة ، وقد شكل تبني مفهوم النمط الثقافي العام نقطة مفصلية في هذه المقاربات،والذي يشير إلى وجود مقام مشترك للثقافات ، أو بعبارة ان هناك نظام موحد من التصنيف، والذي ينسحب على كل الثقافات ،بحيث إن كل الثقافات والشعوب تشترك في هذا النمط الثقافي العام ،بل إن هذا النمط قد يكون متماثلا حتى حينما يتعلق الأمر بالمحتوى ،بينما يكون الاختلاف في بعض التفصيلات والأجزاء( ).
أحصى الباحثون في هذا السياق الكثير من عناصر التشابه والتماثل، والتي قام عليها النمط الثقافي العام ، حيث أكدت الأبحاث والدراسات أن النمط الثقافي العام سمة أساسية لا نجد ثقافة تخلو منها على سطح الأرض ، إذ يمكن أن نسوق العديد من الأمثلة، فليس هناك ثقافة تجهل الألعاب الرياضية أو الفنون، ونفس الأمر ينسحب على تحريم أنواع معينة من الأطعمة أو منع زواج المحارم واللغة والقانون والسحر والزواج والطبخ وقوانين الإرث وشعائر الجنازات والقيود المفروضة على الجنس و تقديم الهدايا و الشعائر الدينية و غيرها .
وبالفعل ، إذا ما تأملنا هذه العناصر وغيرها وجدنا أنها تتواجد في كل الثقافات غير أنها قد تختلف من حيث المحتوى، بل وفي بعض الحالات يمكن أن نلاحظ أن التماثل والتشابه قد يكون كليا ، ويشمل حتى التفاصيل ،وهكذا إذا ما أخدنا ـ على سبيل المثال ـ المراسيم الجنائزية ، سنجد إن كل الثقافات تعرف مراسم تقترن بالموت، لكنها تختلف من حيث المحتوى الذي تتم به هذه المراسم ، إذ نجد اختلافا في التعبير عن الحزن والحداد وكذلك فيما يتعلق بوسائل التخلص من الجثة و إذ قد يكون ذلك بالدفن أو الحرق وغيرها من التفصيلات الأخرى .
كيف – إذن – يمكن أن نفسر وجود أنماط ثقافية عامة تشترك فيها كل الثقافات ؟وكيف بمكن نفهم وجود الكثير من الاختلاف في ترجمة هذه الأنماط كممارسات؟ أو بعبارة أخرى كيف يمكن أن نفهم التشابه الثقافي من خلال وجود نمط ثقافي عام؟ وكيف يمكن أن نفسر الاختلاف في المحتوى والتفصيلات وان كان بالإمكان أن نعاين التماثل حتى في هذا المستوى ؟
للإجابة عن هذه التساؤلات يمكن الانطلاق من تفسيرين :
يستند التفسير الأول على القول بوجود وحدة ذهنية مشتركة عند بني البشر، فالإنسان – أينما وجد وتواجد –تحكمه نفس الدوافع والغرائز،وبالتالي فانه بتصرف بنفس الطريقة، وتصدر عنه نفس الأفعال والأعمال، بحيث إننا إزاء دوافع أساسية تفرض بحثا حثيثا بهدف إشباعها،فشمولية الحاجة الجنسية ـ مثلا ـ تقابلها شمولية العائلة وشمولية القلق تقابلها المؤسسة الدينية ( ) ، بيد ان الإشباع يختلف حسب الظروف واشتراطات المحيط ، وبالتالي فان الاستجابات لن تكون متشابهة وان صدرت عن دوافع أساسية ومتشابهة، فالثقافة – إذن –تتشكل من استجابات لهذه الدوافع بحيث تكون حلولا بديلة لمشكلات أوجدتها الطبيعة وتكون وظيفتها تسهيل إشباع هذه الدوافع ، فالثقافة ليست معطى غريزيا ، بل إنها تكتسب وتتشكل كاستجابات ،وعليه فان السمة الأبرز للثقافات تكمن في التماثل لوجود دوافع أساسية متشابهة، تحفز الناس وتوجه سلوكاتهم ، لكن البحث أكد على ضرورة الانتباه إلى الدوافع المكتسبة والتي تلعب نفس الدور،والتي – في بعض الحالات – يصبح إشباعها أهم من الدوافع الأساسية ( )..
يأخذ الاتجاه الانتشاري بالتفسير الثاني, وقد عرف عن هذا الاتجاه باهتمامه الكبير بالثقافة، وانطلق في بدايات ظهوره من فكرة أساسية و هي أن هناك مركزا كونيا لكل الثقافات ، ومنه انتشرت إلى باقي أرجاء العالم، وهذا – بطبيعة الحال – ما يفسر في نظرهم التشابه والتماثل الثقافي وذلك من خلال الاحتكاك والاقتباس والهجرات، لكن الانتشارية لم تعد لها نفس الوجاهة العلمية وبالخصوص في صورتها المتطرفة ، إذ استبدلت بتعدد وتنوع المراكز الثقافية ، وكما هو واضح فان هذا الاتجاه يحاول ـ في العمق ـ أن يشرعن الرسالة الحضارية mission civilisatrice الملقاة على القوى الكبرى اتجاه باقي العالم .
انصب اهتمام هذا الاتجاه حول هجرة وانتقال السمات الثقافية من مجال ثقافي لآخر من خلال تتبع التغيرات والتحولات التي تطرأ على هذه السمة أو تلك ،حيث يمكن أن نعاين التماثل والاختلاف في نفس الوقت ، إذ يرجع التشابه إلى انتقال الثقافات وهجرتها من مجال ثقافي لآخر، بينما يتم إرجاع الاختلاف إلى الصيغة التي تتخذها هذه السمة أو تلك وهي تنتقل مجال ثقافي إلى لآخر( ).
تعرض مفهوم المجال الثقافي leaire culturel بوصفه أحد أهم المفاهيم الأكثر تداولا في الاتجاه الانتشاري لانتقادات شديدة ،والذي يشير التماثل الثقافي الموجود في مجتمع معين،وذلك لاستحالة القول بوجود ثقافة ما في حالة من النقاء الخالص culture ( ) pure إذ أن كل الثقافات هي في حالة من التحول والتطور الدائمين نتيجة ما يمكن أن ننعته ـ على حد تعبير جورج بلاندييه ـ بآليات الداخل وآليات الخارج les ( )mécanismes de dedans et mécanismes de dehors.
أصبح ـ إذن ـ من هذه الزاوية من غير المقبول علميا الانطلاق في مقاربة الثقافات من مفهوم العزلة الثقافية isolat culturelle،ذلك أن عمليات الاحتكاك والتفاعل والاقتباس بين الثقافات ظاهرة يصعب تجاهلها أو إنكارها، وبالتالي فان التماثل والاختلاف الثقافيان أصبح يطرحان بأسئلة جديدة لا تسمح فقط بمقاربة السمات الثقافية كما هي في هذا المجال الثقافي أو ذلك، ولكن بفهم مجمل العمليات التي تتحكم في الانتشار الثقافي diffusion culturelle، وبالخصوص في ظل المجتمعات الحديثة.
وبالفعل عقدت العولمة بشكل جذري ظاهرة الاختلاف والتماثل الثقافيان، بحيث أن مفهوم العزلة الثقافية أصبح متجاوزا فنحن لا نستطيع أن نفهم أين يبدأ التماثل ولا أين ينتهي، ولا أين يكمن الاختلاف في الكثير من السمات الثقافية.ولكن ومع ذلك يمكن أن نسجل إحدى أهم المفارقات التي أفرزتها العولمة ذلك أنها تعمل على تكريس نمط ثقافي موحد آو (ثقافة كونية)، والتي تكمن بعض من معالمها في الثقافة التي تروجها وسائل والاتصال والإعلام، في نفس الوقت نلاحظ اتجاها آخر يتميز بنوع من العودة إلى الهويات والثقافات المحلية،وذلك كنوع من المقاومة لما يمكن نعته بالغزو الثقافي العابر للحدود.
إن التماثل الثقافي الكامن في سيادة بعض القيم والمعايير الكونية وبالخصوص انتشار المنتوجات الثقافية الأمريكية على الصعيد العالمي ، يقابله نزوع نحو تأكيد نوع من الاختلاف والتعدد الثقافيان من خلال التشبث بالخصوصيات المحلية، ففي ظل هذه الوضعية وكيفما حاولنا أن نقارن ظاهرتي الاختلاف والتماثل الثقافيان ،فسواء انطلقنا من أن التشابه هو الأصل والاختلاف مرده إلى الاشتراطات الاجتماعية التي تتواجد فيها الجماعات والأفراد،فان هذه الظاهرة تكرس عوامل النزاع والصراع وبالخصوص، إذا ما انطلقنا من وجود نزعة التمركز حول الذات بوصفها شعوريا وموقفا كونيا، وفي هذا الإطار يقدم ليفي شتراوس تصورا بالإمكان الاستناد إليه من أجل بناء رؤية أكثر وضوحا ونجاعة ،بحيث ينبغي زعزعة ورفض مركزية الثقافة الأوربية وعقلانيتها وبالتالي القول بتعدد الثقافات وعقلانيتها، فلكل ثقافة مهما كانت عقلانيتها الخاصة ومنطقها الخاص، ومن ثم وجب تقديس مبدأ الاختلاف الثقافي والذي يترتب عليه مبدأ نسبية الثقافة،فالثقافة ليست سوى وسيلة لفهم العالم وتنظيمه ( )تجد تماسكها في الجماعة التي اكتسبتها وترسخت لديها في علاقتها مع باقي الثقافات الأخرى وعبر التجربة اليومية والتعلم والتربية.
أصبح الوضع في الوقت الراهن أكثر تعقيدا من ذي قبل، وبالخصوص بعد أحداث11شبتمر 2001، إذ اتخذ الصراع أبعادا أكثر خطورة كان من نتائجها ازدياد الكراهية على أسس ثقافية وحضارية ، والذي يميل إلى تكريس رؤية أحادية في كل شيء، الأمر الذي دفع اليونسكو إلى إصدار إعلان عالمي حول الاختلاف الثقافي، والذي لم تعطى له أهمية كبرى أو تلك كان من المفروض أن يحظى بها،حيث اعتبر هذا الإعلان الاختلاف الثقافي تراثا مشتركا للإنسانية ينبغي حمايته من الذوبان والاندثار، فكما نعتبر مدينة أو معلمة ما تراثا إنسانيا ،نفس الشيء ينسحب على الثقافات ،إذ ينبغي أن تكون محط حماية واهتمام المجتمع الدولي، وقد جاء في المادة الأولى من هذا الإعلان ما يلي:”تتخذ الثقافة أشكلا متنوعة عبر الزمان والمكان،ويتجلى هذا التنوع في أصالة وتعدد الهويات المميزة للمجموعات والمجتمعات التي تتألف منها الإنسانية، والتنوع الثقافي بوصفه مصدرا للتبادل والتجديد والإبداع هو ضروري للجنس البشري ضرورة التنوع البيولوجي بالنسبة للكائنات الحية،وبهذا المعنى فان التنوع الثقافي هو التراث المشترك للإنسانية، وينبغي الاعتراف به والتأكيد عليه لصالح أجيال الحاضر والمستقبل”) ( ،ونقرأ في مادته السابعة:” إن كل إبداع ينهل من منابع التقاليد الثقافية ولكنه يزدهر بالاتصال مع الثقافات الأخرى،لذلك لا بد من صون التراث بمختلف أشكاله وإحيائه ونقله إلى الأجيال القادمة كشاهد على تجارب الإنسان وطموحاته، وذلك لتغذية الإبداع بكل تنوعه والحفز على قيام حوار حقيقي بين الثقافات”( ).
إزاء هذا الوضع الراهن والذي يتسم بوجود نموذج ثقافي يخترق-بشكل أو بآخر وبدرجات متفاوتة- كل الشعوب ومختلف الثقافات ، يمكن أن نتساءل هل يمكن أن نعتبر هذا مؤشرا على بداية ذوبان الثقافات لصالح نموذج عالمي ارتبط تفوقه بنوع من الهيمنة العسكرية والاقتصادية والسياسية ، وبالتالي فان ذلك يعني أن التماثل سيصبح الطابع المميز للثقافات، حيث أن الكثير من السمات الثقافية أصبحت ظواهر عالمية كما هو الشأن بالنسبة اللباس ـ مثلا ـ إذ أصبحت البذلة لباسا عالميا وغيرها ـ وتراجعت بالمقابل الأزياء المحلية،ونفس الشيء بالنسبة للغات ، إذ نلاحظ هيمنة لغات بعينها ، حيث أننا نتجه نحو تكريس ثقافة كونية ،أي نوعا من التماثل في الأذواق وأساليب التفكير والأخلاق والقيم وغير ذلك،أم أن إعلانا مثل إعلان اليونسكو غيره والمقاومات التي تبدي الكثير من الشعوب قادرة على حماية خصوصياتها الثقافية،وهل بالإمكان الحديث عن عزلة ثقافية في زمن العولمة والديناميات العابرة للحدود؟.
إن كل إجابة ممكنة لا تستطيع إلا أن تطرح أسئلة أخرى لأن كل الإجابات تنفتح على احتمالات أخرى،تجعل التماثل خاصية الثقافة التي تتشكل من خلال الديناميات العابرة للحدود ، وفي نفس الوقت فان الاختلاف الثقافي يتكرس نتيجة عوامل داخلية وأخرى خارجية ،بحيث نتوجه نحو نوع من الاختلاف والتعدد داخل الوحدة la diversité dans l’unité ، أي أننا نتيجة الديناميات التي أفرزتها العولمة نصبح إزاء نمط ثقافي موحد ،لكن في نفس الوقت ذاته ينبغي أن يتضمن ذلك حق الاختلاف ، لأنه إذا كان مفروضا علينا العيش داخل التعدد والوحدة والاختلاف والتماثل ، فان ذلك هو قدرنا جميعا لأننا لا يمكن أن نعيش في عزلة ، فان الآخر المختلف معنا يعيش إلى جانبنا ومن المفروض أن نعيش وإياه فوق هذه الأرض ، وبالتالي ينبغي التخلص ـ كما يقول لفي شتراوس ـ من الخوف اللاعقلاني والاستهامات المشكلة حول الآخر ( )، ويمكن أن يحصل ذلك بالاعتراف المتبادل والحوار والتفاعل وتبادل المعلومات والاختلاط بحيث يزول الغموض المحيط بالآخر والذي غالبا ما يكون سببا في الخوف والكراهية والتمركز حول الذات.

المصدر: مجلة العلوم الإجتماعية
التالي
هذا احدت موضوع.
رسالة أقدم
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي